للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: أن التاريخ -وإن وعى بعض هذه الأحداث- هو عمل من أعمال البشر القاصرة يصيبه ما يصيب جميع أعمال البشر من القصور والخطأ والتحريف، ونحن نشهد في زماننا هذا الذي تيسَّرت فيه أعمال الاتصال ووسائل الفحص، أن الخبر الواحد أو الحادث الواحد يروى على أوجه شتى، ويُنظر إليه من زوايا مختلفة، ويفسّر تفسيرات متناقضة، ومن مثل هذا الركام يصنع التاريخ، مهما قيل بعد ذلك في التمحيص والتدقيق!

فمجرد الكلام عن استفتاء التاريخ فيما جاء به القرآن الكريم من القصص كلام تنكره القواعد العلمية المقرّرة التي ارتضاها البشر، قبل أن تنكره العقيدة التي تقرّر أن القرآن هو القول الفصل، واستفتاء التاريخ في هذا كلام لا يقول به مؤمن بالقرآن، ولا مؤمن بوسائل البحث العلمي على السواء، إنما هو مراء!

لقد سأل سائلون عن ذي القرنين .. سألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأوحى الله إليه بما هو وارد هنا من سيرته، وليس أمامنا مصدر آخر غير القرآن في السيرة، فنحن لا نملك التوسّع فيها بغير علم، وقد وردت في التفاسير أقوال كثيرة، ولكنها لا تعتمد على يقين، وينبغي أن تؤخذ بحذر، لما فيها من إسرائيليّات وأساطير!

وقد سجل السياق القرآني لذي القرنين ثلاث رحلات:

واحدة إلى المغرب!

وواحدة إلى المشرق!

وواحدة إلى مكان بين السدّين!

ويبدأ الحديث عن ذي القرنين بشيء عنه: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (٨٤)}!

<<  <  ج: ص:  >  >>