للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدهم المهتدون .. إنهم وحدهم الفائزون في الآخرة .. إنه ليس لغيرهم من الأمم في الآخرة نصيب!

وهذه الدعوى تتضمن أن المؤمنين بمحمد - صلى الله عليه وسلم - لا نصيب لهم في الآخرة .. والهدف الأول هو زعزعة ثقتهم بدينهم وبوعود رسولهم ووِعود القرآن لهم! وهنا يطالعنا قوله جلّ شأنه: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (البقرة).

ويعقب على هذا التحدّي بتقرير أنهم لن يطلبو الموت، لأنهم يعلمون أنهم كاذبون، ويخشون أن يستجيب الله لهم فيأخذهم .. ويعلمون أن ما قدّموه من عمل لا يجعل لهم نصيباً في الآخرة، وعندئذ يكونون قد خسرو الدنيا بالموت الذي طلبوه، وخسروا الآخرة بالعمل السيئ الذي قدّموه .. ومن ثم فإنهم لن يقبلوا التحدّي، فهم أحرص الناس على حياة، وهم والمشركون في هذا سواء:

{وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٩٦)} (البقرة).

لن يتمنّوه؛ لأن ما قدّمته أيديهم للآخرة لا يطمعهم في ثواب، ولا يؤمنهم من عقاب .. إنه مدّخر لهم هناك، والله عليم بالظالمين وما كانوا يعملون!

وليس هذا فحسب .. ولكنها خصلة أخرى في يهود، خصلة يصوّرها القرآن صورة تفيض بالزراية، وتنضح بالتحقير والمهانة: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} أيّة حياة، لا يهم أن تكون حياة كريمة ولا حياة مميّزة على الإطلاق! حياة فقط! حياة بهذا التنكير والتحقير حياة ديدان أو حشرات! حياة والسلام!

<<  <  ج: ص:  >  >>