وعندئذ يستجيبون لها كالأسطورة غامضة، كما كانوا يستجيبون للأساطير التي تؤلف عقائدهم المتهافتة!
ولكن الله أراد للبشريّة وبخاصة في الرسالة الأخيرة أن تعيش بهذه الرسالة عيشةً طبيعيةً واقعيّةً، عيشةً طيبةً ونظيفةً وعاليةً، ولكنها حقيقة في هذه الأرض، لا وهماً ولا خيالاً ولا مثالاً طائراً في سماء الأساطير والأحلام، يعزّ على التحقيق، ويهرب في ضباب الخيالات والأوهام!
قالوا كذلك استبعاداً لأن يكون الله قد أوحى إلى رجل منهم!
وقالوه كذلك تنفيراً للعامة من الرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتهويشاً على الحق الواضح في رسالة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - الذي يعرفونه حق المعرفة: إنه ساحرٌ كذّاب!
إنما كان هذا سلاحاً من أسلحة التهويش والتضليل، وحرب الخداع التي يتقنها الكبراء، ويتخذونها لحماية أنفسهم ومراكزهم من خطر الحق الذي يتمثّل في هذه العقيدة، ويزلزل القيم الزائفة، والأوضاع الباطلة التي يستند إليها أولئك الكبراء!
إنها حرب الدعاية ضد الرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لحماية أوضاعهم بين الجماهير في مكّة، ولصدّ القبائل التي كانت تفد إلى مكّة في موسم الحج، عن الرسالة والرسول - صلى الله عليه وسلم -!
قال ابن إسحاق (١): ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفرٌ من قريش، وكان
(١) ابن هشام: ١: ٣٣٤ - ٣٣٦ معلقاً، والطبري موقوفاً على ابن عباس، وقد صرح بالسماع: ١٤: ١٥٧، وأبو نعيم أيضاً عن سعيد بن جبر: الدلائل: ١: ٢٣٢، وعبد بن حمد، وابن =