للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتحاد المعنى والمقاصد تفريق باطل، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم قول من قال يوم حنين: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) مثل قول بني إسرائيل لموسى: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) ولم ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختلاف الألفاظ، لما اتحد المعنى وهكذا عاقب الله بني إسرائيل لما نصبوا الشباك يوم الجمعة ليصيدوا بها الصيد المحرم عليهم يوم السبت ولم يعذرهم بهذه الحيلة، مع أنهم لم يأخذوا الصيد من الشباك إلا يوم الأحد، وذلك لاتحاد المعنى وإن اختلفت الوسيلة، والأمثلة في هذا كثيرة في النصوص الشرعية، وقد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل (١) » ، وأما التشبيه بالسلم فهو من باب المغالطة والتعلق بما لا ينفع، فإن إباحة السلم من محاسن الشريعة الكاملة، وقد أباحه الله سبحانه لحاجة العباد إليه، وشرط فيه شروطا تخرجه عن المعاملات المحرمة، فهو عقد على موصوف في الذمة بصفات تميزه وتبعده عن الجهالة والغرر إلى أجل معلوم بثمن معجل في المجلس، يشترك فيه البائع والمشتري في


(١) ذكره الحافظ ابن قيم الجوزية في حاشيته على سنن أبي داود عند التعليق على الحديث رقم (٣٤٦٢) في كتاب البيوع باب النهي عن العينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>