للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرح معنى قوله تعالى: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول (١)

س: قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (٢) {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (٣)

والسؤال هو: أن بعض المسلمين يأخذون بهذه الآية أنه لا حرج على المسلم أن يذهب ويشد الرحال إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم يسأله أن يستغفر له رسول الله وهو في قبره، فهل هذا العمل صحيح كما قال تعالى. وهل معنى جاءوك باللغة أنه: جاءوك في حياتك أم في موتك؟ وهل يرتد المسلم عن الإسلام إذا لم يحكم سنة رسول الله؟ وهل التشاجر على الدنيا أم على الدين؟

ج: هذه الآية الكريمة فيها حث الأمة على المجيء إليه إذا ظلموا أنفسهم بشيء من المعاصي، أو وقعوا فيما هو أكبر من ذلك من الشرك أن يجيئوا إليه تائبين نادمين حتى يستغفر لهم عليه الصلاة والسلام، والمراد بهذا المجيء: المجيء إليه في حياته صلى الله عليه وسلم وهو يدعو المنافقين وغيرهم إلى أن يأتوا إليه ليعلنوا توبتهم ورجوعهم إلى الله، ويطلبوا منه عليه الصلاة والسلام أن يسأل الله أن يقبل توبتهم وأن يصلح أحوالهم، ولهذا قال: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} (٤) فطاعة الرسول إنما تكون بإذن الله. يعني الإذن الكوني القدري، فمن أذن الله له وأراد هدايته اهتدى، ومن لم يأذن الله في هدايته لم يهتد، فالأمر بيده سبحانه، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٥)

أما الإذن الشرعي فقد أذن سبحانه لجميع الثقلين أن يهتدوا، وأراد منهم ذلك شرعا وأمرهم به، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (٦) وقال سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (٧)


(١) من برنامج نور على الدرب
(٢) سورة النساء الآية ٦٤
(٣) سورة النساء الآية ٦٥
(٤) سورة النساء الآية ٦٤
(٥) سورة التكوير الآية ٢٩
(٦) سورة البقرة الآية ٢١
(٧) سورة النساء الآية ٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>