للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخلاق أهل العلم (١) .

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فهذه كلمة أردت أن أوضح فيها أخلاق العلماء وما ينبغي أن يسيروا عليه تأسيا بإمامهم الأعظم وقدوتهم في كل خير وهو نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، رسول رب العالمين، وقائد الغر المحجلين وإمام الدعاة إلى سبيل الله أجمعين، ورأيت أن يكون عنوانها " أخلاق أهل العلم "، ولا يخفى على كل ذي مسكة من علم أن العلماء هم خلفاء الأنبياء؛ لأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، والعلم هو ما دل عليه كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولهذا قالت عائشة لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام، قالت: «كان خلقه القرآن (٢) » فهذه الكلمة العظيمة من عائشة رضي الله عنها ترشدنا إلى أن أخلاقه عليه الصلاة والسلام هي اتباع القرآن، وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهي، وهي التخلق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها والبعد عن كل خلق ذمه القرآن، وعاب أهله وهي كلمة جامعة مختصرة عظيمة، فجدير بأهل العلم من الدعاة والمدرسين والطلبة، جدير بهم أن يعنوا بكتاب الله وأن يقبلوا عليه حتى يأخذوا منه الأخلاق التي يحبها الله عز وجل، وحتى يستقيموا عليها، وحتى تكون لهم خلقا ومنهجا يسيرون عليه أينما كانوا.

يقول عز وجل: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (٣) فهو الهادي إلى الطريقة التي هي أقوم الطرق وأهدى السبل، وهل هناك هدف للمؤمن أعظم من أن يكون على أهدى السبل وأقومها


(١) محاضرة ألقاها سماحة الشيخ في جامعة أم القرى بمكة المكرمة في شهر رجب عام ١٤٠٩هـ.
(٢) سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (١٦٠١) ، سنن أبو داود الصلاة (١٣٤٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٩١) .
(٣) سورة الإسراء الآية ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>