صلى الله عليه وسلم كفر ظاهر وباطن، سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحلا له، أو كان ذاهلا عن اعتقاده، هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة القائلين بأن الإيمان قول وعمل. إلى أن قال رحمه الله في ص ٥٣٨ ما نصه:(التكلم في تمثيل سب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر صفته ذلك مما يثقل على القلب واللسان، ونحن نتعاظم أن نتفوه بذلك ذاكرين، لكن للاحتياج إلى الكلام في حكم ذلك نحن نفرض الكلام في أنواع السب مطلقا من غير تعيين، والفقيه يأخذ حظه من ذلك، فنقول: السب نوعان: دعاء وخبر، فأما الدعاء فمثل أن يقول القائل لغيره: لعنه الله أو قبحه الله أو أخزاه الله، أو لا رحمه الله أو لا رضي الله عنه أو قطع الله دابره، فهذا وأمثاله سب للأنبياء ولغيرهم، وكذلك لو قال عن نبي: لا صلى الله عليه أو لا سلم، أو لا رفع الله ذكره، أو محى الله اسمه ونحو ذلك من الدعاء عليه، بما فيه ضرر عليه في الدنيا أو في الآخرة، فهذا كله إذا صدر من مسلم أو معاهد، فهو سب، فأما المسلم فيقتل به بكل حال، وأما الذمي فيقتل بذلك إذا أظهره. إلى أن قال رحمه الله ص ٥٤٠: النوع الثاني: الخبر، فكل ما عده الناس شتما، أو سبا أو تنقصا فإنه يجب به القتل، فإن الكفر ليس مستلزما للسب، وقد يكون الرجل كافرا ليس بساب، والناس يعلمون علما عاما أن الرجل قد يبغض الرجل ويعتقد فيه العقيدة القبيحة ولا يسبه، وقد يضم إلى ذلك مسبة، وإن كانت المسبة مطابقة للمعتقد، فليس كل ما يحتمل عقدا يحتمل قولا، ولا ما يحتمل أن يقال سرا، يحتمل أن يقال جهرا، والكلمة الواحدة تكون في حال سبا وفي حال ليست بسب، فعلم أن هذا يختلف باختلاف الأقوال والأحوال، وإذا لم يأت للسب حد معروف في اللغة ولا في الشرع، فالمرجع فيه إلى عرف الناس، فما كان في العرف سبا للنبي صلى الله عليه وسلم فهو الذي يجب أن ننزل عليه كلام الصحابة والعلماء، وما لا فلا) انتهى المقصود.