للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (١) وهذه الآيات وغيرها تدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب وهو خير الأنبياء وأفضلهم فكيف بغيره من المخلوقين. فمن اعتقد أنه يعلم الغيب أو أحدا من المخلوقين فقد أعظم على الله الفرية وأبعد النجعة وضل ضلالا بعيدا وكفر بالله سبحانه، فالأمور المغيبة مما أستأثر الله بعلمه قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (٢) قال ابن مسعود: كل شيء أوتي نبيكم صلى الله عليه وسلم غير خمس: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} (٣) الآية، وقال ابن عباس: هذه الخمسة لا يعلمها إلا الله تعالى. ولا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل. فمن ادعى أنه يعلم شيئا من هذه فقد كفر بالقرآن لأنه خالفه. ثم إن الأنبياء يعلمون كثيرا من الغيب بتعريف الله تعالى إياهم.

فالإيمان بالغيب من أركان الإيمان ومن صفات المؤمنين الصادقين، وادعاء علم الغيب والإخبار بالمغيبات من صفات الكهنة الزائغين عن الهدى ومن صفات الدجالين والمشعوذين والعرافين الذين ضلوا عن الصراط المستقيم وأضلوا غيرهم من جهال المسلمين، وقد قال الله سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (٤) الآية. وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه


(١) سورة الأعراف الآية ١٨٨
(٢) سورة لقمان الآية ٣٤
(٣) سورة لقمان الآية ٣٤
(٤) سورة الأنعام الآية ٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>