للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان المعبود نبيا أو صالحا. وهذا إجماع أهل العلم قاطبة، والأدلة على ذلك من قول الله عز وجل، وقول رسوله صلى الله عليه وسلم واضحة، وقد تقدم بعضها، والله جل وعلا ولي التوفيق.

س ٢: وأما قول السائل: أولئك قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا، فاعترفوا بالعبادة ولكن هؤلاء المتأخرين ما يقولون إنهم يعبدونهم، ولكن يقولون إنهم يتبركون بهم؟

جـ ٢: والجواب أن يقال: الاعتبار بالحقائق والمعنى لا باختلاف الألفاظ، فإذا قالوا: ما نعبدهم وإنما نتبرك بهم، لم ينفعهم ذلك، ما داموا فعلوا فعل المشركين من قبلهم، وإن لم يسموا ذلك عبادة، بل سموه توسلا أو تبركا، فالتعلق بغير الله، ودعاء الأموات والأنبياء والصالحين والذبح لهم أو السجود لهم، أو الاستغاثة بهم، كل ذلك عبادة ولو سموها خدمة، أو سموها غير ذلك؛ لأن العبرة بالحقائق لا بالأسماء كما تقدم.

ومن هذا القبيل قول الجماعة الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لما رأوا المشركين يعلقون أسلحتهم على سدرة. قالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة (١) » .

فجعل المقالة واحدة، مع أن هؤلاء قالوا: اجعل لنا ذات أنواط، فجعل قولهم مثل قول بني إسرائيل؛ لأن العبرة بالمعنى والحقائق، لا بالألفاظ.


(١) سنن الترمذي الفتن (٢١٨٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>