للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، يتضح لك ما وقع فيه أرباب الأغاني والملاهي من الخطر العظيم، وتعلم بذلك صراحة الآية الكريمة في ذمهم وعيبهم، وأن اشتراءهم للهو الحديث، واختيارهم له، من وسائل الضلال والإضلال، وإن لم يقصدوا ذلك، أو يعلموه؛ وذلك لأن الله سبحانه مدح أهل القرآن في أول السورة، وأثنى عليهم بالصفات الحميدة، وأخبر أنهم أهل الهدى والفلاح، حيث قال عز وجل: {الم} (١) {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} (٢) {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ} (٣) {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} (٤) {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (٥) ثم قال سبحانه بعد هذا: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} (٦) الآية، وذلك يدل على ذم هؤلاء المشترين، وتعرضهم للضلال بعد الهدى، وما كان وسيلة للضلال والإضلال فهو مذموم، يجب أن يحذر ويبتعد عنه، وهذا الذي قاله الحافظ ابن كثير في تفسير الآية، قاله غيره من أهل التفسير، كابن جرير والبغوي والقرطبي وغير واحد، حتى قال الواحدي في تفسيره: أكثر المفسرين على أن لهو الحديث هو الغناء، وفسره آخرون بالشرك، وفسره جماعة بأخبار الأعاجم، وبالأحاديث الباطلة التي تصد عن الحق، وكلها


(١) سورة لقمان الآية ١
(٢) سورة لقمان الآية ٢
(٣) سورة لقمان الآية ٣
(٤) سورة لقمان الآية ٤
(٥) سورة لقمان الآية ٥
(٦) سورة لقمان الآية ٦

<<  <  ج: ص:  >  >>