للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة فإذا تأمل البصير حال أهل الغناء، وحال أهل القرآن، تبين له حذق الصحابة ومعرفتهم بأدواء القلوب وأدويتها، وبالله التوفيق.

وقال ابن القيم في موضع آخر من (الإغاثة) : (قال الإمام أبو بكر الطرطوشي - وهو من أئمة المالكية - في خطبة كتابه في تحريم السماع: الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ونسأله أن يرينا الحق حقا فنتبعه، والباطل باطلا فنجتبيه، وقد كان الناس فيما مضى يستتر أحدهم بالمعصية إذا واقعها، ثم يستغفر الله ويتوب إليه منها، ثم كثر الجهل، وقل العلم، وتناقص الأمر، حتى صار أحدهم يأتي المعصية جهارا، ثم ازداد الأمر إدبارا، حتى بلغنا أن طائفة من إخواننا المسلمين- وفقنا الله وإياهم- استزلهم الشيطان واستغوى عقولهم في حب الأغاني واللهو، وسماع الطقطقة والنقير، واعتقدته من الدين الذي يقربهم إلى الله، وجاهرت به جماعة المسلمين، وشاقت سبيل المؤمنين، وخالفت الفقهاء وحملة الدين: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (١) فرأيت أن أوضح الحق، وأكشف عن شبه


(١) سورة النساء الآية ١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>