للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتأمل ربما اعتقد اختلافا بين الشافعيين في هذا السماع الجامع هذه الملاهي، وذلك وهم بين من الصائر إليه، تنادي عليه أدلة الشرع والعقل، مع أن ليس كل خلاف يستروح إليه ويعتمد عليه، ومن تتبع ما اختلف فيه العلماء وأخذ بالرخص من أقاويلهم تزندق أو كاد. قال: وقولهم في السماع المذكور إنه من القربات والطاعات قول مخالف لإجماع المسلمين، ومن خالف إجماعهم، فعليه ما في قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (١)

وأطال الكلام في الرد على هاتين الطائفتين اللتين بلاء المسلمين منهم، المحللون لما حرم الله، والمتقربون إلى الله بما يباعدهم عنه. والشافعي وقدماء أصحابه والعارفون بمذهبه من أغلظ الناس قولا في ذلك، وقد تواتر عن الشافعي أنه قال: خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة، يسمونه التغبير، يصدون به الناس عن القرآن. فإذا كان هذا قوله في التغبير، وتعليله: أنه يصد عن القرآن وهو شعر يزهد في الدنيا يغني به مغن، فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدة على توقيع غنائه، فليت شعري ما يقول في سماع التغبير عنده كتفلة في بحر، قد اشتمل على كل مفسدة وجمع كل محرم، فالله بين دينه وبين كل متعلم مفتون وعابد جاهل.


(١) سورة النساء الآية ١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>