الحاكم في ذلك جاز للقاضي أن يجبر الزوج على الفراق بلا عوض، إن ظهر له ظلمه، وإن اشتبه الأمر أجبر المرأة على تسليم العوض الذي دفع إليها الزوج من دراهم وقيمة لحم وبشت ونحو هذا، والصباحة تدخل في حكم الجهاز فيما يظهر لي، وأعني باللحم ما يدفع للزوجة عند النكاح دون ما يأكله الزوج في بيته، وقد حكمت بهذا مرتين، والدليل في هذا قصة ثابت بن قيس مع زوجته وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة (١) » . رواه البخاري.
قال العلامة ابن مفلح في الفروع: وقد اختلف كلام شيخنا في وجوبه، وقد ألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء انتهى، ويعني بشيخه شيخ الإسلام ابن تيمية ومراده أن شيخ الإسلام أوجبه مرة ولم يوجبه أخرى، والقول بوجوبه على الزوج هو الأقرب عندي كما تقدم، وهو أحوط من كون القاضي يتولى ذلك، وأحسم لمادة نزاع الزوج، وقصة ثابت مع زوجته حجة ظاهرة في هذا، ولله الحمد، والله أعلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.
(١) أخرجه البخاري (كتاب الطلاق) باب الخلع وكيف الطلاق فيه برقم (٤٨٦٧) .