للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد صلى الله عليه وسلم إذا غيروا غير عليهم، فكيف بغيرهم من الناس! لا شك أن غيرهم من باب أولى أن يغير عليهم إذا غيروا، وهم في ذلك كله لم يخرجوا عن قدر الله وما كتبه عليهم؛ لقوله عز وجل: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (١) وقوله تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (٢) وبهذا يتضح لطالب الحق معنى قوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٣) وقوله سبحانه: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} (٤) الآية، ويعلم أن كلا منهما حق وأنه ليس بينهما تناقض، مع العلم بأن الله عز وجل قد يبتلي عباده المؤمنين بالسراء والضراء، ليمتحن صبرهم وجهادهم، وليكونوا أسوة لغيرهم، ثم يجعل لهم العاقبة؛ كما قال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (٥) وقال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (٦) والآيات في هذا المعنى كثيرة.


(١) سورة الشورى الآية ٣٠
(٢) سورة الحديد الآية ٢٢
(٣) سورة الرعد الآية ١١
(٤) سورة التوبة الآية ٥١
(٥) سورة محمد الآية ٣١
(٦) سورة آل عمران الآية ١٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>