للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولي الأمر للمسلمين، إذا لم يكن لدى المسلمين قدرة على القتال، كما تقدم. وقد تعلق القائلون بأن الجهاد للدفاع فقط بآيات ثلاث:

الأولى قوله جل وعلا: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا} (١) والجواب عن ذلك كما تقدم أن هذه الآية ليس معناها القتال للدفاع، وإنما معناها القتال لمن كان شأنه القتال: كالرجل المكلف القوي، وترك من ليس شأنه القتال: كالمرأة والصبي ونحو ذلك، ولهذا قال بعدها: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} (٢)

فاتضح بطلان هذا القول، ثم لو صح ما قالوا، فقد نسخت بآية السيف وانتهى الأمر بحمد الله.

والآية الثانية التي احتج بها من قال بأن الجهاد للدفاع هي قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (٣) وهذه لا حجة فيها لأنها على الأصح مخصوصة بأهل الكتاب والمجوس وأشباههم، فإنهم لا يكرهون على الدخول في الإسلام إذا بذلوا الجزية، هذا هو أحد القولين في معناها.

والقول الثاني أنها منسوخة بآية السيف ولا حاجة للنسخ بل هي مخصوصة بأهل الكتاب كما جاء في التفسير عن عدة من الصحابة والسلف، فهي مخصوصة بأهل الكتاب ونحوهم فلا يكرهون إذا أدوا الجزية وهكذا من ألحق بهم من المجوس وغيرهم إذا أدوا الجزية فلا إكراه، ولأن الراجح لدى أئمة الحديث والأصول أنه لا يصار إلى النسخ مع إمكان الجمع، وقد عرفت أن الجمع ممكن بما ذكرنا. فإن أبوا الإسلام والجزية قوتلوا كما دلت عليه الآيات الكريمات الأخرى، والآية الثالثة التي تعلق بها من قال أن الجهاد


(١) سورة البقرة الآية ١٩٠
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٣
(٣) سورة البقرة الآية ٢٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>