للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر فيما بينهم لتحذر هذه الأمة سبيلهم الوخيم ويبتعدوا عن هذا الخلق الذميم، ويتضح من ذلك أن هذه الأمة متى تخلقت بأخلاق كفار بني إسرائيل المذمومة استحقت ما استحقه أولئك من الذم واللعن؛ لأنه لا صلة بين العباد وبين ربهم إلا صلة العبادة والطاعة، فمن استقام على عبادة الله وحده وامتثال أوامره وترك نواهيه استحق من الله الكرامة فضلا منه وإحسانا وفاز بالثناء الحسن والعاقبة الحميدة، ومن حاد عن سبيل الحق استحق الذم واللعن وباء بالخيبة والخسران.

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (١) » رواه مسلم رحمه الله في صحيحه.

وروى مسلم أيضا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل (٢) » .

فاتق الله أيها المسلم في نفسك وجاهدها لله واستقم على أمره وجاهد من تحت يديك من الأهل والذرية وغيرهم، وأمر بالمعروف وانه عن المنكر حسب طاقتك في كل مكان وزمان عملا بهذه الأدلة الشرعية التي ذكرتها لك آنفا، وتخلق بأخلاق المؤمنين واحذر من أخلاق الكافرين والمجرمين، واحرص جهدك على نجاتك ونجاة أهلك وإخوانك المسلمين، كما قال عز وجل: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} (٣) وقال سبحانه:


(١) صحيح مسلم الإيمان (٤٩) ، سنن الترمذي الفتن (٢١٧٢) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٨) ، سنن أبو داود الصلاة (١١٤٠) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/١٠) .
(٢) صحيح مسلم الإيمان (٥٠) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٤٥٨) .
(٣) سورة طه الآية ١٣٢

<<  <  ج: ص:  >  >>