ومعلوم ما في ذلك من الخير العظيم، والنفع العام لله للمسلمين، وشدة الحاجة إلى ذلك في هذا العصر، بل في كل عصر، ولكن في هذا العصر أشد لقلة العلم وكثرة دعاة الباطل.
فالواجب على من رزق العلم، أن يتحمل المشقة في نفع الناس به: قضاء وتدريسا، ودعوة إلى الله عز وجل، وفي غير هذا من شئون المسلمين، حتى تحصل الفائدة الكبيرة، والثمرة العظيمة من هذا الطلب.
وطالب العلم يطلب العلم لينفع نفسه، ويخلصها من الجهالة ويتقرب إلى ربه عز وجل بما يرضيه، على بصيرة وحسن دراية، ولينفع الناس أيضا، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويقض بينهم في مشاكلهم، ويصلح بينهم، ويعلم جاهلهم، ويرشد ضالهم، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر إلى غير ذلك.
فطالب العلم تدخل مهمته في أشياء كثيرة، ولا تنحصر في أبواب معدودة، ولا سيما القاضي. فإن القاضي إن وفقه الله وصبر تدخل وظيفته في أشياء كثيرة، فهو مع العلم محسوب، ومع القضاة محسوب، ومع المدرسين محسوب، ومع أهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محسوب، ومع الدعاة إلى الله عز وجل، ومع المصلحين، إلى غير ذلك من شئون المسلمين. فينبغي له أن يهيئ نفسه لذلك، ويوطنها على تحمل الشدائد، في سبيل