للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنها بايع الصديق بيعة ثانية تأكيدا للبيعة الأولى وإظهارا للناس أنه مع الجماعة وليس في نفسه شيء من بيعة أبي بكر رضي الله عنهم جميعا ولما طعن عمر وجعل الأمر شورى بين ستة من العشرة المشهود لهم بالجنة ومن جملتهم علي رضي الله عنه، لم ينكر على عمر ذلك لا في حياته ولا بعد وفاته، ولم يقل أنه أولى منهم جميعا، فكيف يجوز لأحد من الناس أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: إنه أوصى لعلي بالخلافة وعلي نفسه لم يدع ذلك ولا ادعاه أحد من الصحابة له، بل قد أجمعوا على صحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان واعترف بذلك علي رضي الله عنه وتعاون معهم جميعا في الجهاد والشورى وغير ذلك، ثم أجمع المسلمون بعد الصحابة على ما أجمع عليه الصحابة فلا يجوز بعد هذا لأي أحد من الناس ولا لأي طائفة لا الشيعة ولا غيرهم أن يدعوا أن عليا هو الوصي وأن الخلافة التي قبله باطلة، كما لا يجوز لأي أحد من الناس أن يقول إن الصحابة ظلموا عليا وأخذوا حقه بل هذا من أبطل الباطل ومن سوء الظن بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جملتهم علي رضي الله عنه وعنهم أجمعين.

وقد نزه الله هذه الأمة المحمدية وحفظها من أن تجتمع على ضلالة وصح عنه صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الكثيرة أنه قال: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة (١) » فيستحيل أن تجتمع الأمة في أشرف قرونها على باطل وهو خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، ولا يقول هذا من يؤمن بالله واليوم الآخر كما لا يقوله من له أدنى بصيرة بحكم الإسلام والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.

وقد بسط الكلام في هذه المسألة الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه [منهاج السنة] فمن أراد ذلك فليراجعه وهو كتاب عظيم جدير بالعناية والمراجعة والاستفادة منه والله ولي التوفيق.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


(١) سنن الترمذي الفتن (٢١٩٢) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>