للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأمن فيه الصيد الذي أباح الله للمسلمين أكله خارج الحرم، يأمن فيه حال وجوده به، حتى يخرج لا ينفر ولا يقتل. .

ويقول سبحانه: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (١) يعني وجب أن يؤمن، وليس المعنى أنه لا يقع فيه أذى لأحد، ولا قتل، بل ذلك قد يقع، وإنما المقصود أن الواجب تأمين من دخله، وعدم التعرض له بسوء.

وكانت الجاهلية تعرف ذلك، فكان الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يؤذيه بشيء حتى يخرج، فهذا البيت العتيق، وهذا الحرم العظيم، جعله الله مثابة للناس وأمنا، وأوجب على نبيه إبراهيم وإسماعيل أن يطهراه للطائفين والعاكفين والركع السجود أي المصلين، وقال في الآية الأخرى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (٢)

والقائم هنا هو: المقيم وهو: العاكف، والطائف معروف، والركع السجود هم: المصلون.

فالله جلت قدرته أمر نبيه إبراهيم وابنه إسماعيل أن يطهرا هذا البيت، وهكذا جميع ولاة الأمور، يجب عليهم ذلك. ولهذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يوم فتح مكة، وأخبر أنه حرم آمن، وأن الله حرمه يوم خلق السماوات والأرض، ولم يحرمه الناس، وقال: «لا ينفر صيده، ولا يعضد شجره ولا يختلى خلاه، ولا يسفك فيه دم ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف (٣) » ويعني عليه الصلاة والسلام بهذا: حرمة هذا البيت. فيجب على المسلمين، وعلى ولاة الأمور، كما وجب على إبراهيم وإسماعيل والأنبياء وعلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم


(١) سورة آل عمران الآية ٩٧
(٢) سورة الحج الآية ٢٦
(٣) صحيح البخاري الجنائز (١٣٤٩) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٣) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٨٧٤) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠١٧) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٥٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>