بالمعنى الذي يقصده هذا الكاتب؛ لأن القطعي من السنة عند أكثر المتأخرين هو المتواتر، أما الآحاد ليست قطعية عندهم، وهذا اللازم كاف في إبطال هذا الشرط وعدم اعتباره، فكيف وهو مخالف لجميع الأدلة الشرعية، ولما سار عليه المصطفى عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم وجميع العلماء بعدهم، كما سبق بيان ذلك في الوجه الأول.
الوجه الثالث: ما قد علم من إجماع علماء الإسلام على أنه يجب العمل بالأدلة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع الأحكام من التحريم والإباحة وغيرهما؛ وإنما اختلف علماء الأصول في إفادة أخبار الآحاد العلم؛ فقال قوم: إنها لا تفيد إلا الظن وإنما يستفاد العلم من نص القرآن الكريم والأحاديث المتواترة، وقال آخرون: بل يستفاد العلم من أخبار الآحاد ويقطع صحتها بالقرائن الدالة على ذلك. أما العمل بها في إثبات العقائد والأحكام فلم يختلف العلماء في وجوبه.
وممن صرح بذلك الإمام أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله في كتابه:(جامع بيان العلم وفضله) قال ما نصه بعدما ذكر الضرب الأول من السنة وهو الخبر المتواتر، قال: والضرب الثاني من السنة خبر الآحاد الثقات الأثبات المتصل