وأبو الفضل ابن طاهر وغيرهما. ويحتمل أن يقال: المزية المذكورة كون أحاديثهما أصح الصحيح، ومنها المشهور إذا كانت له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل.
وممن صرح بإفادته العلم النظري الأستاذ أبو منصور البغدادي، والأستاذ أبو بكر ابن فورك وغيرهما. ومنها المسلسل بالأئمة الحفاظ المتقنين حيث لا يكون غريبا كالحديث الذي يرويه أحمد بن حنبل مثلا ويشاركه فيه غيره عن الشافعي، ويشاركه فيه غيره عن مالك بن أنس، فإنه يفيد العلم عند سامعه بالاستدلال من جهة جلالة رواته وأن فيهم من الصفات اللائقة الموجبة للقبول ما يقوم مقام العدد الكثير من غيرهم، ولا يتشكك من له أدنى ممارسة للعلم وأخبار الناس أن مالكا مثلا لو شافهه بخبر أنه صادق فيه، فإذا انضاف إليه من هو في تلك الدرجة ازداد قوة، وبعد عما يخشى عليه من السهو.
وهذه الأنواع التي ذكرناها لا يحصل العلم بصدق الخبر منها إلا للعالم بالحديث المتبحر فيه، العارف بأحوال الرواة، المطلع على العلل. وكون غيره لا يحصل له العلم بصدق ذلك؛ لقصوره عن الأوصاف المذكورة لا ينفي حصول العلم للمتبحر المذكور.