للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقولون: نحن نستدل بتواتر المخبرين على إفادة العلم، والطريق الأول أعلى التقديرين، فكل عالم بهذه الأحاديث وطرقها ونقلتها وتعددها يعلم علما يقينا لا شك فيه بل يجد نفسه مضطرة إلى ثبوتها أولا وثبوت مخبرها ثانيا، ولا يمكنه دفع هذين العلمين عن نفسه: العلم الأول: ينشأ من جهة معرفته بطريق الأحاديث وتعددها وتباين طرقها واختلاف مخارجها وامتناع التواطؤ زمانا ومكانا على وضعها.

والعلم الثاني: ينشأ من جهة إيمانه بالرسالة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما يخبر به. وهذا عند أهل العلم أعظم من علم الأطباء بوجود بقراط وجالينوس، فإنهما من أفاضل الأطباء، وأعظم من علم النحاة بوجود سيبويه والخليل والفراء وعلمهم بالعربية، ولكن أهل الكلام وأتباعهم في الغاية من قلة المعرفة بالحديث وعدم الاعتناء به، وكثير منهم بل أفضلهم عند أصحابه لا يعتقد أنه روي في الباب الذي يتكلم فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، أو يظن أن المروي فيه حديث أو حديثان، كما يجده لأكابر شيوخ المعتزلة؛ كأبي الحسين البصري، يعتقد أنه ليس في الرؤية إلا حديث واحد وهو حديث جرير، ولم يعلم أن فيها ما يقارب ثلاثين حديثا. وقد ذكرناها في كتاب صفة الجنة

<<  <  ج: ص:  >  >>