أما الفتن التي يعرف فيها المحق من المبطل والظالم من المظلوم فليست داخلة في الأحاديث المذكورة، بل قد دلت الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على وجوب نصر المحق والمظلوم على الباغي والظالم، ومن هذا الباب ما جرى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، فإن المصيب عند أهل السنة هو علي وهو مجتهد وله أجران ومعاوية ومن معه مخطئون وبغاة عليه، لكنهم مجتهدون طالبون للحق فلهم أجر واحد، رضي الله عن الجميع.
وأما الاستعانة ببعض الكفار في قتال الكفار عند الحاجة أو الضرورة، فالصواب أنه لا حرج في ذلك إذا رأى ولي الأمر الاستعانة بأفراد منهم أو دولة في قتال الدولة المعتدية لصد عدوانها؛ عملا بالأدلة كلها، فعند عدم الحاجة والضرورة لا يستعان بهم، كما في حديث عائشة رضي الله عنها، للذي أراد أن يخرج معه في بدر وهو مشرك: «ارجع فلن نستعين بمشرك (١) » ، وعند الحاجة والضرورة يستعان بهم على وجه ينفع المسلمين ولا يضرهم، وفي هذا جمع بين الأدلة الشرعية، لأنه صلى الله عليه
(١) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر، برقم ٣٣٨٨.