للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأغاني وآلات الملاهي من أقبح لهو الحديث، الصاد عن كتاب الله وعن سبيله، قال أبو جعفر بن جرير - رحمه الله - في تفسيره - لما ذكر أقوال المفسرين في لهو الحديث - ما نصه: والصواب من القول في ذلك أن يقال عني به كل ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله، مما نهى الله عن استماعه، أو رسوله؛ لأن الله تعالى عم بقوله {لَهْوَ الْحَدِيثِ} (١) ولم يخصص بعضا دون بعض، فذلك على عمومه، حتى يأتي ما يدل على خصوصه، والغناء والشرك من ذلك؛ انتهى كلامه.

وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} (٢) من في موضع رفع بالابتداء، لهو الحديث الغناء في قول ابن مسعود وابن عباس وغيرهما، ثم بسط الكلام في تفسير هذه الآية، ثم قال:

المسألة الثانية: وهو الغناء المعتاد عند المشتهرين به الذي يحرك النفوس، ويبعثها على الهوى والغزل والمجون، الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، فهذا النوع إذا كان في شعر يشبب فيه بذكر النساء ووصف محاسنهن، وذكر الخمور والمحرمات، لا يختلف في تحريمه؛ لأنه اللهو والغناء المذموم بالاتفاق، فأما ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه في أوقات الفرح، كالعرس والعيد وعند التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان في حفر الخندق، وحدو أنجشة، وسلمة بن الأكوع، فأما ما ابتدعته الصوفية اليوم من الإدمان على سماع الأغاني بالآلات المطربة من الشبابات والطار والمعازف والأوتار فحرام) انتهى كلامه.

وهذا الذي قاله القرطبي كلام حسن، وبه تجتمع الآثار الواردة في هذا الباب، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «دخل علي النبي وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث،


(١) سورة لقمان الآية ٦
(٢) سورة لقمان الآية ٦

<<  <  ج: ص:  >  >>