للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند، وقال في موضع آخر من كتابه: هو عندنا في حكم المرفوع، وهذا وإن كان فيه نظرة فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه، فعليهم نزل، وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علما وعملا وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل، ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكها وملوك الروم ونحو ذلك، مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة، يشغلهم به عن القرآن، فكلاهما لهو الحديث.

ولهذا قال ابن عباس: لهو الحديث: الباطل والغناء، فإن الصحابة من ذكر هذا، ومنهم من ذكر الآخر، ومنهم من جمعهما، والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم، فإنه رقية الزنا، ومنبت النفاق، وشرك الشيطان، وخمرة العقل، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل، لشدة ميل النفوس إليه، ورغبتها فيه.

إذا عرف هذا، فأهل الغناء ومستمعوه، لهم نصيب من هذا الذم بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن وإن لم ينالوا جميعه، فإن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث بالقرآن؛ ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا وإذا يتلى عليه القرآن ولى مستكبرا، كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقرا، وهو الثقل والصمم وإذا علم منه شيئا، استهزأ به، فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا، وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم، فلهم حصة ونصيب من هذا الذم يوضحه أنك لا تجد أحدا عني بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علما وعملا وفيه رغبة عن استماع القرآن

<<  <  ج: ص:  >  >>