الله والمتقربون إلى الله بما يباعدهم عنه والشافعي وقدماء أصحابه والعارفون بمذهبه من أغلظ الناس قولا في ذلك وقد تواتر عن الشافعي أنه قال: خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن. فإذا كان هذا قوله في التغبير وتعليله أنه يصد عن القرآن وهو شعر يزهد في الدنيا يغني به مغن فيضرب بعض الحاضرين بقضيب على نطع أو مخدة على توقيع غنائه، فليت شعري ما يقول: في من سماع التغبير عنده كتفلة في بحر، قد اشتمل على كل مفسدة وجمع كل محرم، فالله بين دينه وبين كل متعلم مفتون وعابد جاهل.
قال: سفيان بن عيينة: (كان يقال: احذروا فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون ومن تأمل الفساد الداخل على الأمة وجده من هذين المفتونين) .
وأما مذهب الإمام أحمد فقال عبد الله ابنه: سألت أبي عن الغناء قال:
(الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني) ثم ذكر قول مالك: (إنما يفعله عندنا الفساق) قال عبد الله: وسمعت أبي يقول: سمعت يحيى القطان يقول: (لو أن رجلا عمل بكل رخصة: بقول أهل الكوفة في النبيذ وأهل المدينة في السماع وأهل مكة في المتعة لكان فاسقا) .
قال أحمد: وقال سليمان التيمي: (لو أخذت برخصة كل عالم أو زلة كل عالم اجتمع فيك الشر كله) ونص على كسر آلات اللهو كالطنبور وغيره إذا رآها مكشوفة وأمكنه كسرها، وعنه في كسرها إذا كانت مغطاة تحت ثيابه وعلم بها روايتان منصوصتان، ونص في أيتام ورثوا جارية مغنية وأرادوا بيعها فقال: لا تباع إلا على أنها ساذجة) فقالوا: إذا بيعت مغنية ساوت عشرين ألفا أو نحوها وإذا بيعت ساذجة لا تساوي ألفين فقال: (لا تباع إلا على أنها ساذجة ولو كانت منفعة الغناء مباحة لما فوت هذا المال على الأيتام) وأما سماعه من المرأة الأجنبية أو الأمرد فمن أعظم المحرمات وأشدها فساد للدين.