للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبيله، وصبروا على ذلك وجاهدوا فيه حتى أظهر الله بهم دينه، وأعلى كلمته ولو كره المشركون، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

فإن الله سبحانه وتعالى إنما خلق الجن والإنس ليعبد وحده لا شريك له وليعظم أمره ونهيه وليعرف بأسمائه وصفاته، كما قال عز وجل {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (١) وقال عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (٢) وقال عز وجل {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (٣) فبين سبحانه أنه خلق الخلق ليعبد، ويعظم، ويطاع أمره ونهيه؛ لأن العبادة هي توحيده وطاعته مع تعظيم أوامره ونواهيه، وبين عز وجل أيضا أنه خلق السماوات والأرض، وما بينهما ليعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه أحاط بكل شيء علما.

فعلم بذلك أن من الحكمة في إيجاد الخليقة أن يعرف الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأنه على كل شيء قدير، وأنه العالم


(١) سورة الذاريات الآية ٥٦
(٢) سورة البقرة الآية ٢١
(٣) سورة الطلاق الآية ١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>