للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلى الله عليه وسلم إذا سئل عن عمل يدخل به العبد الجنة وينجو به من النار قال له: تشهد أن لا الله إلا الله وأن محمدا رسول الله وربما قال له: تعبد الله ولا تشرك به شيئا فعبر له بالمعنى، فإن معنى شهادة أن لا إله إلا الله: أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا.

ولهذا لما سأله جبرائيل عليه السلام في حديث أبي هريرة رضي الله عنه «فقال: يا رسول الله، أخبرني عن الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا (١) » . وفي حديث عمر رضي الله عنه قال: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (٢) » فهذا يفسر هذا: فإن شهادة أن لا إله إلا الله: معناها إفراد الله بالعبادة، وهذا هو عبادة الله وعدم الإشراك به مع الإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام.

«وجاءه رجل فقال: يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة وأنجو من النار قال "تعبد الله ولا تشرك به شيئا " ثم قال " وتقيم الصلاة (٣) » إلى آخره.

فعبادة الله وعدم الإشراك به هذا هو معنى لا إله إلا الله قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (٤) يعني: اعلم أنه المستحق للعبادة، وأنه لا عبادة لغيره، بل هو المستحق لها وحده، وأنه الإله الحق، الذي لا تنبغي العبادة لغيره عز وجل.

وإنكار المشركين لها يبين معناها؛ لأنهم إنما أنكروها لما علموا أنها تبطل آلهتهم وتبين أنهم على ضلالة ولهذا أنكروها فقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا} (٥) وقال الله عنهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} (٦) {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} (٧) فعرفوا أنها تبطل آلهتهم وتبين زيفها،


(١) صحيح البخاري الإيمان (٥٠) ، صحيح مسلم الإيمان (٩) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩١) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٢٦) .
(٢) صحيح مسلم الإيمان (٨) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦١٠) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩٠) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٩٥) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٥٢) .
(٣) صحيح البخاري الزكاة (١٣٩٧) ، صحيح مسلم الإيمان (١٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٤٣) .
(٤) سورة محمد الآية ١٩
(٥) سورة ص الآية ٥
(٦) سورة الصافات الآية ٣٥
(٧) سورة الصافات الآية ٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>