للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا لمجرد النسب والقرابة ولكن بسبب الصلاح والاستقامة والاجتهاد في طاعة الله التي هي أعظم واسطة في صلاح العبد وأقربائه وزوجاته وذرياته واجتماعهم في دار كرامته، وهذه الآية الكريمة تشبه قوله تعالى في سورة سبأ: {وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} (١)

وقوله تعالى في سورة الحجرات: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (٢) وهكذا ما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات، كلها تبين أن المنازل العالية والفوز بجنات النعيم والسلامة من عذاب الله وغضبه، كل ذلك لا يحصل بمجرد الأماني والدعوة ولا بالأنساب والدعوة إنما يحصل ذلك بعد توفيق الله ورحمته بأسباب الصبر على طاعة الله والصبر عن محارمه والإقبال عليه سبحانه وتعالى والإخلاص له في العمل والضراعة إليه بطلب التوفيق والهداية مع صبرهم على الشدائد والمشاق في سبيل الحق وصبرهم على المصائب، بهذا كله حصل لهم الخير العظيم والفوز بدار النعيم، وهكذا ينبغي لأهل الإيمان وأهل العلم والهداية أن يتخلقوا بهذه الأخلاق العظيمة ويسيروا عليها؛ حتى تكون لهم العاقبة الحميدة، وحتى تكون لهم عقبى الدار، فلا بد من صبر ولا بد من إخلاص، ولا بد من صدق، قال تعالى في سورة الإنسان: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} (٣) وقال سبحانه في سورة المؤمنون {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} (٤) وقال في سورة الفرقان لما ذكر صفات عباد الرحمن العظيمة:


(١) سورة سبأ الآية ٣٧
(٢) سورة الحجرات الآية ١٣
(٣) سورة الإنسان الآية ١٢
(٤) سورة المؤمنون الآية ١١١

<<  <  ج: ص:  >  >>