للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلاح وإطلاقهم النار على رجال الأمن الذين أرادوا إطفاء فتنتهم وحماية المسلمين من شرهم،.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «من حمل علينا السلاح فليس منا (١) » ونهى عن حمل السلاح في الحرم وقال عليه الصلاة والسلام: «إن هذا البلد حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يسفك فيه دم ولا يعضد فيه شجره (٢) » وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: «إن هذا البلد لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولا يحل لأحد بعدي وإنما أحل لي ساعة من نهار وقد عادت حرمته اليوم كحرمته بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب (٣) » والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وقد تعدى شر هذه الفتنة وضررها إلى كثير من الحجاج وغيرهم.

يضاف إلى ذلك إغلاقهم أبواب المسجد الحرام ومنعهم بذلك الداخلين والخارجين، وبذلك تدخل هذه الطائفة تحت قوله عز وجل: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٤)

وبالجملة فقد حصل بهذه الحادثة الشنيعة ظلم كثير وفساد عظيم وبلاء كبير ولا نعلم أنه مر بالمسجد الحرام مثل هذه الحادثة لا في الجاهلية ولا في الإسلام.

أما تبريرهم لظلمهم وعدوانهم وفسادهم الكبير بأنهم أرادوا إعلان البيعة لمن زعموه المهدي، فهذا تبرير فاسد وخطأ ظاهر وزعم لا دليل عليه ولا يجوز أن يستحلوا به حرمة المسجد الحرام وحرمة المسلمين الموجودين فيه ولا يبيح لهم حمل السلاح وإطلاق النار على رجال الأمن ولا على غيرهم لأن المهدي المنتظر من الأمور الغيبية التي لا يجوز لأي مسلم أن يجزم بأن فلانا ابن فلان هو المهدي المنتظر؛ لأن ذلك قول على الله وعلى رسوله بغير علم، ودعوى لأمر قد استأثر الله به حتى تتوافر العلامات والأمارات التي أوضحها النبي صلى الله عليه وسلم وبين أنها وصف المهدي، وأهمها


(١) صحيح البخاري الديات (٦٨٧٤) ، صحيح مسلم الإيمان (٩٨) ، سنن النسائي تحريم الدم (٤١٠٠) ، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٧٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/١٤٢) .
(٢) صحيح البخاري الجنائز (١٣٤٩) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٣) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٨٩٢) ، سنن أبو داود المناسك (٢٠١٧) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣١٦) .
(٣) صحيح البخاري الحج (١٨٣٢) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٤) ، سنن الترمذي كتاب الحج (٨٠٩) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٨٧٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣١) .
(٤) سورة البقرة الآية ١١٤

<<  <  ج: ص:  >  >>