للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون أحد الأئمة الاثنى عشر فهذا: محل نظر.

فإن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا يزال أمر هذه الأمة قائما ما ولي عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش (١) » فقوله: لا يزال أمر هذه الأمة قائما: يدل على أن الدين في زمانهم قائم، والأمر نافذ، والحق ظاهر، ومعلوم أن هذا إنما كان قبل انقراض دولة بني أمية، وقد جرى في آخرها اختلاف تفرق بسببه الناس، وحصل به نكبة على المسلمين، وانقسم أمر المسلمين إلى خلافتين: خلافة في الأندلس، وخلافة في العراق، وجرى من الخطوب والشرور ما هو معلوم.

والرسول عليه الصلاة والسلام قال: «لا يزال أمر هذه الأمة قائما (٢) » ثم جرى بعد ذلك أمور عظيمة حتى اختل نظام الخلافة وصار على كل جهة من جهات المسلمين أمير وحاكم وصارت دويلات كثيرة، وفي زماننا هذا أعظم وأكثر.

والمهدي حتى الآن لم يخرج، فكيف يصح أن يقال أن الأمر قائم إلى خروج المهدي؟ هذا لا يمكن أن يقوله من تأمل ونظر.

والأقرب في هذا كما قاله جماعة من أهل العلم: أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث: «لا يزال أمر هذه الأمة قائما ما ولي عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش (٣) » أن مراده من ذلك: الخلفاء الأربعة ومعاوية رضي الله عنهم، وابنه يزيد، ثم عبد الملك بن مروان، وأولاده الأربعة، وعمر بن عبد العزيز، فهؤلاء اثنا عشر خليفة.

والمقصود أن الأئمة الاثني عشر في الأقرب والأصوب ينتهي عددهم بهشام بن عبد الملك، فإن الدين في زمانهم قائم والإسلام منتشر والحق ظاهر والجهاد قائم، وما وقع بعد موت يزيد من الاختلاف والانشقاق في الخلافة وتولي مروان في الشام وابن الزبير في الحجاز، لم يضر المسلمين في ظهور دينهم، فدينهم ظاهر وأمرهم قائم وعدوهم مقهور مع وجود هذا الخلاف الذي جرى ثم زال بحمد الله بتمام


(١) صحيح البخاري الأحكام (٧٢٢٣) ، صحيح مسلم الإمارة (١٨٢٢) ، سنن الترمذي الفتن (٢٢٢٣) ، سنن أبو داود المهدي (٤٢٧٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/١٠٧) .
(٢) صحيح البخاري الأحكام (٧٢٢٣) ، صحيح مسلم الإمارة (١٨٢١) ، سنن الترمذي الفتن (٢٢٢٣) ، سنن أبو داود المهدي (٤٢٧٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٨٦) .
(٣) صحيح البخاري الأحكام (٧٢٢٣) ، صحيح مسلم الإمارة (١٨٢٢) ، سنن الترمذي الفتن (٢٢٢٣) ، سنن أبو داود المهدي (٤٢٧٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/١٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>