وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (١) » أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن الأربعة عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه - بإسناد صحيح - مع أحاديث أخرى، والأكثرون على أنها كفر دون كفر لمن لم يجحد وجوبها، والصواب أنها كفر أكبر، وجحد الوجوب كفر مستقل بإجماع المسلمين، وإن لم يتركها، وإنما الخلاف في تركها من غير جحد لوجوبها. والصواب أن تركها كفر أكبر وإن لم يجحد وجوبها؛ لهذين الحديثين وما جاء في معناهما من الآيات والأحاديث.
وقال عبد الله بن شقيق العقيلي وهو تابعي جليل: لم يكن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعدون شيئا من العمل تركه كفر إلا الصلاة. أما ترك الزكاة فهو كبيرة عظيمة وجريمة لكن ليس كفرا أكبر، وهكذا ترك الصيام والحج، في حق من لم يجحد وجوب الزكاة والصوم والحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر في الأحاديث الصحيحة أن تارك الزكاة يعذب بحاله يوم القيامة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار، فدل ذلك على عدم كفره بمجرد ترك الزكاة. لكن الصلاة أمرها أعظم، هي عمود الإسلام وهى أعظم الأركان بعد الشهادتين، وجاءت
(١) أخرجه أحمد في المسند، باقي مسند الأنصار حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه برقم ٢٢٤٢٨.