للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الحد الفاصل، لا إسراف ولا تقتير، وما بين ذلك هو القوام والعدل، يمدحهم سبحانه فيقول: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} (١) الإسراف الزيادة، والتقتير البخل، والبخيل والبخل مذمومان، وهكذا الإسراف والتبذير مذمومان أيضا، فلا هذا ولا هذان ولهذا مدح الله عباد الرحمن بقوله {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (٢) كان عدلا وسطا.

فالوصية لكن أيتها الأخوات ولكل مسلم التخلق بهذا الخلق الكريم، والحرص في البيت وعند الولائم على التحري في هذه الأمور، والتوسط فيها، والحذر من إضاعة الأموال بغير حق، وكثرة الطعام بلا حاجة إليه، فإن المال ينفع إذا حفظ، والمحتاجون إليه كثيرون في هذه البلاد وفي غير هذه البلاد ونعلم من سكان هذه البلاد أمما لا يحصيها إلا الله، في حاجة إلى المال، وفي حاجة إلى الطعام، وفي حاجة إلى اللباس.

وإن كانت بلادنا بحمد الله من خير البلاد قد أفاء الله عليها خيرا كثيرا في دينها ودنياها. لكن مع ذلك موجود فيها من هو محتاج، إذا طلب وجد في هذه البلاد في المدن وفي القرى، وفي كل مكان محتاجون لأن تصل إليهم المساعدات من الزكاة وغيرها، بواسطة المحاكم والأعيان المعروفين بالثقة والأمانة، حتى توزع بينهم وينظر في شأنهم لأنهم في حاجة، وفوق ذلك في بلدان كثيرة في أفريقيا وفي آسيا، وفي كل مكان حاجات كثيرة وفقراء لا يعلم حالهم إلا الله، في أشد الحاجة إلى المال.

وهناك المجاهدون الأفغان، واللاجئون في باكستان في أشد الحاجة إلى المال، فكيف نضيعه، وكيف نسرف فيه، وكيف نبذر، وعندنا في بلادنا وغير بلادنا من هو محتاج، هذا لا يجوز أبدا، بل يجب التثبت في الأمور والحرص على التوسط فيها، في جميع الأمور من أكل وشرب ولباس، في وليمة عرس وغيرها.


(١) سورة الفرقان الآية ٦٧
(٢) سورة الفرقان الآية ٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>