للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما جاءت بغير تحريف لها ولا تأويل ولا تكييف، بل يقر بها كما جاءت على ظاهرها وعلى الوجه الذي يليق بالله جل وعلا، ومن دون تكييف ولا تمثيل. فيقال في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (١) وأمثالها من الآيات إنه استواء يليق بجلال الله وعظمته، لا يشبه استواء المخلوقين، ومعناه عند أهل الحق: العلو والارتفاع.

وهكذا يقال في العين، والسمع والبصر واليد والقدم، وغير ذلك من الصفات الثابتة لله جل وعلا والواردة في النصوص الشرعية، وكلها صفات تليق بالله سبحانه، لا يشابهه فيها الخلق جل وعلا، وعلى هذا سار أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من أئمة السنة، كالأوزاعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وغيرهم من أئمة المسلمين رحمهم الله جميعا.

ومن ذلك قوله تعالى في قصة نوح: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} (٢) {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (٣) الآية، وقوله سبحانه في قصة موسى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} (٤) فسرها أهل السنة بأن المراد بقوله سبحانه: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} (٥) أي أنه سبحانه سيرها برعايته جل وعلا، حتى استوت على الجودي، وهذا قوله في قصة موسى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} (٦) أي على رعايته سبحانه وتوفيقه للقائمين على تربيته عليه الصلاة والسلام.

وهكذا قوله سبحانه للنبي صلى الله عليه وسلم: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} (٧) أي أنك تحت كلاءتنا وعنايتنا وحفظنا، وليس هذا كله من التأويل، بل ذلك من التفسير المعروف في لغة العرب، وأساليبها ومن ذلك الحديث القدسي، وهو


(١) سورة طه الآية ٥
(٢) سورة القمر الآية ١٣
(٣) سورة القمر الآية ١٤
(٤) سورة طه الآية ٣٩
(٥) سورة القمر الآية ١٤
(٦) سورة طه الآية ٣٩
(٧) سورة الطور الآية ٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>