للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (١) الآية.

وقد امتثلن رضي الله عنهن لأمر الله ورسوله فبادرن إلى الحجاب والتستر عن الرجال الأجانب، فقد روى أبو داود بسند حسن عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية وعليهن أكسية سود يلبسنها (٢) » ، وروى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها من رأسها فإذا جاوزونا كشفناه (٣) » . وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها هي أكمل النساء دينا وعلما وخلقا وأدبا، قال في حقها المصطفى صلى الله عليه وسلم: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام (٤) » والثريد هو: اللحم والخبز. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج النساء إلى مصلى العيد قلن يا رسول الله: إحدانا لا يكون لها جلباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لتلبسها أختها من جلبابها (٥) » رواه البخاري ومسلم، فيؤخذ من هذا الحديث أن المعتاد عند نساء الصحابة أن لا تخرج المرأة إلا بجلباب فلم يأذن لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج بغير جلباب درءا للفتنة وحماية لهن من أسباب الفساد، وتطهيرا لقلوب الجميع، مع أنهن يعشن في خير القرون ورجاله ونساؤه من أهل الإيمان من أبعد الناس عن التهم والريب، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الفجر فيشهد معه نساء من المؤمنات متلفعات بمروطهن ثم يرجعن إلى بيوتهن ما يعرفهن أحد من الغلس (٦) » ، فدل هذا الحديث على أن الحجاب والتستر كان من عادة نساء الصحابة الذين هم خير القرون وأكرمها على الله عز وجل وأعلاها أخلاقا


(١) سورة الأحزاب الآية ٥٣
(٢) سنن أبو داود اللباس (٤١٠١) .
(٣) سنن أبو داود المناسك (١٨٣٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٠) .
(٤) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤١١) ، صحيح مسلم فضائل الصحابة (٢٤٣١) ، سنن الترمذي الأطعمة (١٨٣٤) ، سنن النسائي عشرة النساء (٣٩٤٧) ، سنن ابن ماجه الأطعمة (٣٢٨٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣٩٤) .
(٥) صحيح البخاري الحج (١٦٥٢) ، صحيح مسلم صلاة العيدين (٨٩٠) ، سنن الترمذي الجمعة (٥٣٩) ، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٣٠٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٨٤) ، سنن الدارمي الصلاة (١٦٠٩) .
(٦) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (٥٧٨) ، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٤٥) ، سنن الترمذي الصلاة (١٥٣) ، سنن النسائي كتاب السهو (١٣٦٢) ، سنن ابن ماجه الصلاة (٦٦٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٧) ، موطأ مالك وقوت الصلاة (٤) ، سنن الدارمي الصلاة (١٢١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>