للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كتب أهل السنة.

وبذلك يعلم أن ذكر هذه الألفاظ في الأذان بدعة يجب تركها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (١) » متفق على صحته، وفي رواية أخرى «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٢) » خرجه مسلم في صحيحه. . وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبة الجمعة: «أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة (٣) » وقد درج خلفاؤه الراشدون ومنهم علي رضي الله عنه وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين على ما درج عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الأذان ولم يحدثوا هذه الألفاظ.

وقد أقام علي رضي الله عنه في الكوفة - وهو أمير المؤمنين- قريبا من خمس سنين وكان يؤذن بين يديه بأذان بلال رضي الله عنه، ولو كانت هذه الألفاظ المذكورة في السؤال موجودة في الأذان لم يخف عليه ذلك؛ لكونه رضي الله عنه من أعلم الصحابة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته، وأما ما يرويه بعض الناس عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول في الأذان (حي على خير العمل) فلا أساس له من الصحة، وأما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما وعن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه وعن أبيه أنهما كانا يقولان في الأذان (حي على خير العمل) فهذا في صحته عنهما نظر، وإن صححه بعض أهل العلم عنهما لكن ما قد علم من علمهما وفقههما في الدين يوجب التوقف عن القول بصحة ذلك عنهما؛ لأن مثلهما لا يخفى عليه أذان بلال ولا أذان أبي محذورة، وابن عمر رضي الله عنهما قد سمع ذلك وحضره، وعلي بن الحسين - رحمه الله- من أفقه الناس فلا ينبغي أن يظن بهما أن يخالفا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المعلومة المستفيضة في الأذان،

ولو فرضنا صحة ذلك عنهما فهو موقوف عليهما، ولا يجوز أن تعارض السنة الصحيحة بأقوالهما ولا أقوال غيرهما، لأن السنة هي الحاكمة مع كتاب الله العزيز على جميع الناس كما قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (٤)


(١) صحيح البخاري الصلح (٢٦٩٧) ، صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٦) ، سنن ابن ماجه المقدمة (١٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٥٦) .
(٢) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٥٦) .
(٣) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧) ، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨) ، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٢٩٥٤) ، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣١١) ، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦) .
(٤) سورة النساء الآية ٥٩

<<  <  ج: ص:  >  >>