للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليهود، وهذه معاملة، وقد توفي عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام لأهله.

رابعا: لا يبدؤه بالسلام ولكن يرد لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام (١) » رواه مسلم. وقال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم (٢) » متفق عليه، فالمسلم لا يبدأ الكافر بالسلام، ولكن متى سلم عليه اليهودي أو النصراني أو غيرهما من الكفار يقول: وعليكم كما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام، فهذا من الحقوق المشروعة بين المسلم والكافر، ومن ذلك حسن الجوار، فإذا كان جارا لك تحسن إليه ولا تؤذه في جواره وتتصدق عليه إن كان فقيرا أو تهدي إليه إن كان غنيا وتنصح له فيما ينفعه؛ لأن هذا مما يسبب رغبته في الإسلام ودخوله فيه، ولأن الجار له حق عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه (٣) » متفق عليه، ولعموم قوله عز وجل: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (٤)

وفي الحديث الصحيح عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن أمها وفدت عليها وهي مشركة في فترة الصلح الذي عقد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة تريد المساعدة فاستأذنت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك هل تصلها؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «صليها (٥) » .

وليس للمسلم مشاركتهم في احتفالاتهم أو أعيادهم، لكن لا بأس أن يعزيهم في ميتهم إذا رأى المصلحة الشرعية في ذلك بأن يقول: جبر الله مصيبتك أو أحسن لك الخلف بخير، وما أشبهه من الكلام الطيب، ولا يقول غفر الله له، ولا يقول رحمه الله إذا كان كافرا أي لا يدعو للميت وإنما يدعو للحي بالهداية وبالعوض الصالح ونحو ذلك.


(١) صحيح مسلم السلام (٢١٦٧) ، سنن الترمذي الاستئذان والآداب (٢٧٠٠) .
(٢) صحيح البخاري الاستئذان (٦٢٥٨) ، صحيح مسلم السلام (٢١٦٣) ، سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٣٠١) ، سنن أبو داود الأدب (٥٢٠٧) ، سنن ابن ماجه الأدب (٣٦٩٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٢١٨) .
(٣) صحيح البخاري الأدب (٦٠١٥) ، صحيح مسلم البر والصلة والآداب (٢٦٢٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٨٥) .
(٤) سورة الممتحنة الآية ٨
(٥) صحيح البخاري الجزية (٣١٨٣) ، صحيح مسلم الزكاة (١٠٠٣) ، سنن أبو داود الزكاة (١٦٦٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>