للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تشبه بقوم فهو منهم (١) » وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة وفي لفط شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن (٢) » .

وفي هذا المعنى أحاديث أخرى كلها تدل على وجوب الحذر من مشابهة أعداء الله في أعيادهم وغيرها، وأشرف الخلق وأفضلهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده في حياته، ولم يحتفل به أصحابه بعده رضي الله عنهم ولا التابعون لهم بإحسان في القرون الثلاثة المفضلة، ولو كان الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أو مولد غيره خيرا لسبقنا إليه أولئك الأخيار، ولعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته وحثهم عليه أو فعله بنفسه، فلما لم يقع شيء من ذلك علمنا أن الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين التي يجب تركها والحذر منها امتثالا لأمر الله سبحانه وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وذكر بعض أهل العلم أن أول من أحدث الاحتفال بالموالد هم الشيعة الفاطميون في المائة الرابعة، ثم تبعهم بعض المنتسبين إلى السنة في هذه البدعة جهلا وتقليدا لهم ولليهود والنصارى، ثم انتشرت هذه البدعة في الناس، والواجب على علماء المسلمين بيان حكم الله في هذه البدع وإنكارها والتحذير منها، لما يترتب على وجودها من الفساد الكبير وانتشار البدع واختفاء السنن، ولما في ذلك من التشبه بأعداء الله من اليهود والنصارى وغيرهم من أصناف الكفرة الذين يعتادون مثل هذه الاحتفالات، وقد كتب أهل العلم في ذلك قديما وحديثا، وبينوا حكم الله في هذه البدع فجزاهم الله خيرا، وجعلنا من أتباعهم بإحسان.

وهذه الكلمة الموجزة أردنا بها التنبيه للقراء على هذه البدعة ليكونوا على


(١) سنن أبو داود اللباس (٤٠٣١) .
(٢) صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٣٢٠) ، صحيح مسلم العلم (٢٦٦٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>