للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي مسعود قال: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة تعرش فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال " من فجع هذه بولدها ردوا ولدها إليها " ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال "من حرق هذه؟ " قلنا نحن قال " إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار (١) » رواه أبو داود.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من إنسان قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله عز وجل عنها قيل: يا رسول الله وما حقها؟ قال أن يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيرمي بها (٢) » رواه النسائي والحاكم وصححه.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما «أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على حمار قد وسم في وجهه فقال: لعن الله الذي وسمه (٣) » رواه مسلم، وفي رواية له: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه (٤) » وهذا شامل للإنسان والحيوان.

فهذه النصوص وما جاء في معناها دالة على تحريم تعذيب الحيوان بجميع أنواعه حتى ما ورد الشرع بقتله، ومنطوق هذه الأدلة ومفهومها الدلالة على عناية الإسلام بالحيوان سواء ما يجلب له النفع أو يدرأ عنه الأذى، فالواجب جعل ما ورد من ترغيب في العناية به وما ورد من ترهيب في تعذيبه في أي جانب يتصل به أن يكون نصب الأعين وموضع الاهتمام، ولا سيما النوع المشار إليه من الأنعام لكونه محترما في حد ذاته أكلا ومالية، ويتعلق به أحكام شرعية في وجوه الطاعات والقربات من جهة، ومن أخرى لكونه عرضة لأنواع كثيرة من المتاعب عند شحنه ونقله بكميات كبيرة خلال مسافات طويلة، ربما ينتج عنها تزاحم مهلك لضعيفها، وجوع وعطش وتفشي أمراض فيما بينها، وحالات أخرى مضرة تستوجب النظر السريع


(١) سنن أبو داود الجهاد (٢٦٧٥) .
(٢) سنن النسائي الصيد والذبائح (٤٣٤٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢١٠) .
(٣) صحيح مسلم اللباس والزينة (٢١١٧) ، سنن أبو داود الجهاد (٢٥٦٤) .
(٤) صحيح مسلم اللباس والزينة (٢١١٦) ، سنن الترمذي الجهاد (١٧١٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>