للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعبادة؛ لأن الكفر والشرك لا يبقى معهما عمل، نسأل الله العافية من ذلك وقال عز وجل في تحريم الميتة وذبائح المشركين: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} (١) نهى عز وجل المسلمين عن أكل الميتة وذبيحة المشرك؛ لأنه نجس فذبيحته في حكم الميتة، ولو ذكر اسم الله عليها.

لأن التسمية منه باطلة لا أثر لها لأنها عبادة، والشرك يحبط العبادة ويبطلها، حتى يتوب المشرك إلى الله سبحانه، وإنما أباح عز وجل طعام أهل الكتاب في قوله سبحانه: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} (٢) لأنهم ينتسبون إلى دين سماوي، ويزعمون أنهم من أتباع موسى وعيسى، وإن كانوا في ذلك كاذبين وقد نسخ الله دينهم وأبطله ببعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة، ولكن الله جل وعلا أحل لنا طعام أهل الكتاب ونساءهم، لحكمة بالغة وأسرار مرعية، قد وضحها أهل العلم بخلاف المشركين من عباد الأوثان والأموات، من الأنبياء والأولياء وغيرهم؛ لأن دينهم لا أصل له، ولا شبهة فيه، بل هو باطل من أساسه، فكانت ذبيحة أهله ميتة، ولا يباح أكلها.

وأما قول الشخص لمن يخاطبه: (جن أصابك) (جن أخذك) (شيطان طار بك) وما أشبه ذلك، فهذا من باب السب والشتم، وذلك لا يجوز بين المسلمين، كسائر أنواع السب والشتم، وليس ذلك من باب الشرك، إلا أن يكون قائل ذلك يعتقد أن الجن يتصرفون في الناس بغير إذن الله ومشيئته، فمن اعتقد ذلك في الجن أو غيرهم من المخلوقات، فهو كافر بهذا الاعتقاد؛ لأن الله سبحانه هو المالك لكل شيء والقادر على كل شيء وهو النافع الضار ولا يوجد شيء إلا بإذنه، ومشيئته وقدره السابق، كما قال عز وجل آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس بهذا الأصل العظيم:


(١) سورة الأنعام الآية ١٢١
(٢) سورة المائدة الآية ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>