للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهذه الأمة وهي إخلاص العبادة لله وحده والبراءة من الشرك بأنواعه، كما أن الشرك أول ما نشأ في قوم نوح عليه السلام هو بسبب التبرك بالصالحين، ففي صحيح البخاري رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سبحانه: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا} (١) الآية، قال: (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت) .

وقد روى الترمذي رحمه الله وغيره بسند صحيح من حديث أبي واقد الليثي قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين ونحن حديثو عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله أكبر إنها السنن قلتم كما قالت بنو إسرائيل لموسى لتركبن سنن من كان قبلكم (٣) » .

قال ابن القيم رحمه الله في تعليقه على هذا الحديث في كتابه " إغاثة اللهفان ": (فإذا كان اتخاذ هذه الشجرة لتعليق الأسلحة والعكوف حولها اتخاذ إله مع الله تعالى مع أنهم لا يعبدونها ولا يسألونها فما الظن بالعكوف حول القبر والدعاء به ودعائه والدعاء عنده فأي نسبة للفتنة بشجرة إلى الفتنة بالقبر لو كان أهل الشرك والبدعة يعلمون) انتهى بحروفه. وهذا هو الأصل الأصيل في منع التبرك بالمخلوقات إلا ما استثناه الشارع - ومن ذلك التبرك بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وعرقه وغيرهما مما مس جسده استثناء - من هذا.


(١) سورة نوح الآية ٢٣
(٢) سنن الترمذي الفتن (٢١٨٠) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢١٨) .
(٣) سورة الأعراف الآية ١٣٨ (٢) {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}

<<  <  ج: ص:  >  >>