للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك استغاثة الإنسان بأصحابه في الجهاد والحرب، ونحو ذلك، فأما الاستغاثة بالأموات والجن والملائكة، والأشجار والأحجار فذلك من الشرك الأكبر، وهو من جنس عمل المشركين الأولين مع آلهتهم كالعزى واللات وغيرهما، وهكذا الاستغاثة والاستعانة بمن يعتقد فيهم الولاية من الأحياء، فيما لا يقدر عليه إلا الله، كشفاء المرضى، وهداية القلوب، ودخول الجنة، والنجاة من النار وأشباه ذلك، والآيات السابقات وما جاء في معناها من الآيات والأحاديث، كلها تدل على وجوب توجيه القلوب إلى الله في جميع الأمور، وإخلاص العبادة لله وحده؛ لأن العباد خلقوا لذلك، وبه أمروا كما سبق في الآيات، وكما في قوله سبحانه: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} (١) وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} (٢) وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ رضي الله عنه: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (٣) » متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: «من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار (٤) » رواه البخاري، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم «لما بعث معاذا إلى اليمن قال له إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله (٥) » وفي لفظ «فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله (٦) » وفي رواية للبخاري: «فادعهم إلى أن يوحدوا الله (٧) » وفي صحيح مسلم عن طارق بن أشيم الأشجعي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل (٨) » والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهذا التوحيد هو أصل دين الإسلام، وهو أساس الملة، وهو رأس الأمر، وهو أهم الفرائض وهو الحكمة في خلق الثقلين والحكمة في إرسال الرسل جميعا


(١) سورة النساء الآية ٣٦
(٢) سورة البينة الآية ٥
(٣) صحيح البخاري الجهاد والسير (٢٨٥٦) ، صحيح مسلم الإيمان (٣٠) ، سنن الترمذي الإيمان (٢٦٤٣) ، سنن ابن ماجه الزهد (٤٢٩٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٥/٢٣٨) .
(٤) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٤٩٧) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣٧٤) .
(٥) صحيح البخاري الزكاة (١٤٥٨) ، صحيح مسلم الإيمان (١٩) ، سنن الترمذي الزكاة (٦٢٥) ، سنن النسائي الزكاة (٢٤٣٥) ، سنن أبو داود الزكاة (١٥٨٤) ، سنن ابن ماجه الزكاة (١٧٨٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٣٣) ، سنن الدارمي الزكاة (١٦١٤) .
(٦) صحيح البخاري الزكاة (١٤٩٦) ، صحيح مسلم الإيمان (١٩) ، سنن الترمذي الزكاة (٦٢٥) ، سنن النسائي الزكاة (٢٤٣٥) ، سنن أبو داود الزكاة (١٥٨٤) ، سنن ابن ماجه الزكاة (١٧٨٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٣٣) ، سنن الدارمي الزكاة (١٦١٤) .
(٧) صحيح البخاري التوحيد (٧٣٧٢) ، صحيح مسلم الإيمان (١٩) ، سنن الترمذي الزكاة (٦٢٥) ، سنن النسائي الزكاة (٢٤٣٥) ، سنن أبو داود الزكاة (١٥٨٤) ، سنن ابن ماجه الزكاة (١٧٨٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٣٣) ، سنن الدارمي الزكاة (١٦١٤) .
(٨) صحيح مسلم الإيمان (٢٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>