للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأكبر لا يقرأ؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجبه شيء عن القراءة إلا الجنابة، وروى أحمد بإسناد جيد عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الغائط وقرأ شيئا من القرآن وقال: «هذا لمن ليس بجنب أما الجنب فلا ولا آية (١) » .

والمقصود أن ذا الجنابة لا يقرأ لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل، وأما المحدث حدثا أصغر وليس بجنب فله أن يقرأ عن ظهر قلب ولا يمس المصحف، وهنا مسألة تتعلق بهذا الأمر وهي مسألة الحائض والنفساء هل تقرآن أم لا تقرآن، في ذلك خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: لا تقرآن وألحقهما بالجنب، والقول الثاني: أنهما تقرآن عن ظهر قلب دون مس المصحف؛ لأن مدة الحيض والنفاس تطول وليستا كالجنب؛ لأن الجنب يستطيع أن يغتسل في الحال ويقرأ، أما الحائض والنفساء فلا تستطيعان ذلك إلا بعد طهرهما، فلا يصح قياسهما على الجنب لما تقدم فالصواب: أنه لا مانع من قراءتهما عن ظهر قلب، هذا هو الأرجح؛ لأنه ليس في الأدلة ما يمنع ذلك بل فيها ما يدل على ذلك.

فقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة لما حاضت في الحج: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري (٢) » والحاج يقرأ القرآن ولم يستثنه النبي صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على جواز القراءة لها، وهكذا قال لأسماء بنت عميس لما ولدت محمد بن أبي بكر في الميقات في حجة الوداع.

فهذا يدل على أن الحائض والنفساء لهما قراءة القرآن لكن من غير مس المصحف، وأما حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن (٣) » فهو حديث ضعيف، في إسناده إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة، وأهل العلم بالحديث يضعفون رواية إسماعيل عن الحجازيين ويقولون: إنه جيد في روايته عن أهل الشام أهل بلاده، لكنه ضعيف في روايته عن أهل الحجاز، وهذا الحديث من روايته عن أهل الحجاز فهو ضعيف.


(١) مسند أحمد (١/١١٠) .
(٢) صحيح البخاري الحيض (٣٠٥) ، صحيح مسلم الحج (١٢١١) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٧٣) ، موطأ مالك الحج (٩٤١) ، سنن الدارمي المناسك (١٨٤٦) .
(٣) سنن الترمذي الطهارة (١٣١) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>