للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في سورة الأنبياء في وصف الملائكة: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} (١) وأخبر عز وجل أنه لا يرضى من عباده الكفر، وإنما يرضى منهم الشكر، والشكر هو توحيده والعمل بطاعته، فقال تعالى في سورة الزمر: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (٢) وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: «يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال " من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه " أو قال " من نفسه (٣) » وفي الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا (٤) » والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وجميع ما ذكرنا من الآيات والأحاديث كله يدل على أن العبادة حق الله وحده، وأنه لا يجوز صرف شيء منها لغير الله، لا للأنبياء ولا لغيرهم، وأن الشفاعة ملك لله عز وجل، كما قال سبحانه: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (٥) الآية، ولا يستحقها أحد إلا بعد إذنه للشافع، ورضاه عن المشفوع فيه، وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد كما سبق. أما المشركون فلا حظ لهم في الشفاعة، كما قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} (٦) وقال تعالى: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (٧) والظلم عند الإطلاق هو الشرك كما قال تعالى: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (٨) وقال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (٩)

أما ما ذكرته في السؤال من قول بعض الصوفية في المساجد


(١) سورة الأنبياء الآية ٢٨
(٢) سورة الزمر الآية ٧
(٣) صحيح البخاري العلم (٩٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٧٣) .
(٤) صحيح البخاري الدعوات (٦٣٠٤) ، صحيح مسلم الإيمان (١٩٩) ، سنن الترمذي الدعوات (٣٦٠٢) ، سنن ابن ماجه الزهد (٤٣٠٧) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٢٦) ، موطأ مالك كتاب النداء للصلاة (٤٩٢) ، سنن الدارمي الرقاق (٢٨٠٥) .
(٥) سورة الزمر الآية ٤٤
(٦) سورة المدثر الآية ٤٨
(٧) سورة غافر الآية ١٨
(٨) سورة البقرة الآية ٢٥٤
(٩) سورة لقمان الآية ١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>