للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرة، وسمى الله دينه تقوى؛ لأنه سبحانه يقي من استقام على دينه شر الدنيا والآخرة ويمنحه السعادة في الدارين إذا استقام وصبر.

وحقيقة التقوى هي الإخلاص لله في كل الأمور وتعظيمه ومراقبته والرهبة منه والرجاء لما عنده والاستقامة على طاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام في جميع الأحوال، ومن التقوى الشعور بالمسئولية وأخذ العمل بقوة ونشاط وحزم وصبر والحذر من الكسل والملل والتبرم بكثرة العمل، ومن التقوى الضراعة إلى الله سبحانه دائما والاستعانة به في كل شيء وإشعار القلب بأنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله سبحانه، كما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي موسى: «ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله قال: " لا حول ولا قوة إلا بالله (١) » ومن التقوى غض النظر عن زينة الحياة الدنيا والمنافسة فيها والرغبة في الآخرة وإيثارها، وفي وصية عمر رضي الله عنه لأبي عبيدة لما ولاه الإمرة على الجيش في الشام أن قال له: (أوصيك بتقوى الله الذي يبقى، ويفنى ما سواه، الذي هدانا من الضلالة وأخرجنا من الظلمات إلى النور فغض بصرك عن الدنيا وأله قلبك عنها، وإياك أن تهلكك كما أهلكت من كان قبلك فقد رأيت مصارعهم) ، ومن التقوى النصح للمسلمين في جميع الأحوال والأعمال والاستعانة بأهل الدين والأمانة والقوة حسب الإمكان والحذر من تولية المعروفين بالشر والخيانة ورقة الدين والمتهمين بذلك، حسب الطاقة، ومن يتق الله يسدد خطاه ويسهل أمره كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (٢) ومن التقوى إلزام من تحت يدك بالحق وتشجيعهم عليه وترغيبهم فيه وبيان حسن عاقبته وتحذيرهم من خلاف ذلك حسب القدرة، وأن تكون في نفسك مثالا عاليا وقدوة حسنة في الأمانة والقوة


(١) صحيح البخاري المغازي (٤٢٠٥) ، صحيح مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (٢٧٠٤) ، سنن الترمذي الدعوات (٣٣٧٤) ، سنن أبو داود الصلاة (١٥٢٦) ، سنن ابن ماجه الأدب (٣٨٢٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٤٠٧) .
(٢) سورة الطلاق الآية ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>