للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أنه يكره الاجتماع فيها في المساجد للصلاة والقصص والدعاء، ولا يكره أن يصلي الرجل فيها لخاصة نفسه، وهذا قول الأوزاعي إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم، وهذا هو الأقرب إن شاء الله تعالى، إلى أن قال: ولا يعرف للإمام أحمد كلام في ليلة نصف شعبان، ويتخرج في استحباب قيامها عنه روايتان: من الروايتين عنه في قيام ليلتي العيد، فإنه (في رواية) لم يستحب قيامها جماعة؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، واستحبها (في رواية) ، لفعل عبد الرحمن بن يزيد بن الأسود لذلك وهو من التابعين، فكذلك قيام ليلة النصف، لم يثبت فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، وثبت فيها عن طائفة من التابعين من أعيان فقهاء أهل الشام)

انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله، وفيه التصريح منه بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في ليلة النصف من شعبان، وأما ما اختاره الأوزاعي رحمه الله من استحباب قيامها للأفراد، واختيار الحافظ ابن رجب لهذا القول، فهو غريب وضعيف؛ لأن كل شيء لم يثبت بالأدلة الشرعية كونه مشروعا، لم يجز للمسلم أن يحدثه في دين الله، سواء فعله مفردا أو في جماعة، وسواء أسره أو أعلنه؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (١) » وغيره من الأدلة الدالة على إنكار البدع والتحذير منها.

وقال الإمام أبو بكر الطرطوشي رحمه الله في كتابه: (الحوادث والبدع) ما نصه:

(وروى ابن وضاح عن زيد بن أسلم، قال: ما أدركنا أحدا من مشيختنا ولا فقهائنا يلتفتون إلى النصف من شعبان، ولا يلتفتون إلى حديث مكحول، ولا يرون لها فضلا على ما سواها) . وقيل لابن أبي مليكة: إن زيادا النميري يقول: (إن أجر ليلة النصف من شعبان كأجر ليلة القدر) ، فقال:


(١) صحيح مسلم الأقضية (١٧١٨) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٢٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>