للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما رواه مسلم في صحيحه من حديث تميم الداري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الدين النصيحة قيل لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (١) » وفي هذا الحديث العظيم إخبار النبي عليه الصلاة والسلام أن الدين كله النصيحة، والنصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه.

فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه ويراه خالصا لا شائبة فيه ولا غش فيه.

ومن ذلك قول العرب: ذهب ناصح يعني سليما من الغش ويقال عسل ناصح، أي: سليم من الغش والشمع. وفي هذا المعنى أيضا ما رواه الشيخان من حديث «جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: " بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم (٢) » .

فالواجب على العلماء وطلبة العلم إدراك هذا المعنى والعمل به بصفة أخص من غيرهم؛ لعلمهم وفضلهم وكونهم خلفاء الرسل في بيان الحق والدعوة إليه والنصح لله ولعباده فإنه لا يستوي من يعلم ومن لا يعلم كما قال عز وجل {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (٣) وأنصح الناس للناس هم الرسل عليهم الصلاة والسلام والأنبياء ثم بعدهم العلماء، فهم ورثة الأنبياء وهم خلفاؤهم في الخير والنصح والدعوة إلى الله والصبر على الأذى والتحمل.

ومن الولاية والنصح: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا قال الله


(١) صحيح مسلم الإيمان (٥٥) ، سنن النسائي البيعة (٤١٩٨) ، سنن أبو داود الأدب (٤٩٤٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/١٠٢) .
(٢) صحيح البخاري الزكاة (١٤٠١) ، سنن الترمذي البر والصلة (١٩٢٥) ، سنن النسائي البيعة (٤١٧٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣٦٤) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٤٠) .
(٣) سورة الزمر الآية ٩

<<  <  ج: ص:  >  >>