للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع على رءوس الأشهاد يوم عرفة: «إني تارك فيكم ما لن تضلوا إن اعتصمتم به كتاب الله (١) » فبين الله سبحانه في هذه الآيات أنه أنزل القرآن ليتدبره العباد ويتذكروا به ويتبعوه ويهتدوا به إلى أسباب السعادة والعزة والنجاة في الدنيا والآخرة، وأرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تعلمه وتعليمه، وبين أن خير الناس هم أهل القرآن الذين يتعلمون القرآن ويعلمونه غيرهم للعمل به واتباعه والوقوف عند حدوده، والحكم به والتحاكم إليه.

وأوضح عليه الصلاة والسلام للناس في المجمع العظيم يوم عرفة أنهم لن يضلوا ما داموا معتصمين بكتاب الله سائرين على تعاليمه. ولما استقام السلف الصالح والصدر الأول من هذه الأمة على تعاليم القرآن وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، أعزهم الله ورفع شأنهم ومكن لهم في الأرض تحقيقا لما وعدهم الله به في قوله سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} (٢)

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (٣) وقال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (٤) {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (٥)

فيا معشر المسلمين: تدبروا كتاب ربكم


(١) صحيح مسلم كتاب الحج (١٢١٨) ، سنن أبو داود كتاب المناسك (١٩٠٥) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٧٤) .
(٢) سورة النور الآية ٥٥
(٣) سورة محمد الآية ٧
(٤) سورة الحج الآية ٤٠
(٥) سورة الحج الآية ٤١

<<  <  ج: ص:  >  >>