للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدخلهم الجنة فضلا منه وإحسانا إذ أخلصوا له واستقاموا على أمره وتركوا الرفث والفسوق كما قال صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (١) » والرفث هو الجماع قبل التحلل، وما يدعو إلى ذلك من قول وعمل مع النساء كله رفث، والفسوق: جميع المعاصي القولية والفعلية يجب على الحاج تركها والحذر منها، وهكذا الجدال يجب تركه إلا في خير، كما قال جل وعلا: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (٢) الحج كله دعوة إلى طاعة الله ورسوله، دعوة إلى تعظيم الله وذكره، دعوة إلى ترك المعاصي والفسوق، دعوة إلى ترك الجدال الذي يجلب الشحناء والعداوة ويفرق بين المسلمين، أما الجدال بالتي هي أحسن فهذا مأمور به في كل زمان ومكان كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (٣) وهذا طريق الدعوة في كل زمان ومكان في البيت العتيق وغيره. يدعو إخوانه بالحكمة وهي العلم؛ قال الله تعالى وقال رسوله، وبالموعظة الحسنة الطيبة اللينة التي ليس فيها عنف ولا إيذاء، ويجادل بالتي هي أحسن عند الحاجة لإزالة الشبهة وإيضاح الحق. فيجادل بالتي هي أحسن بالعبارات الحسنة والأساليب الجيدة المفيدة التي تزيل الشبهة وتوجه إلى الحق دون عنف وشدة.

فالحجاج في أشد الحاجة إلى الدعوة والتوجيه إلى الخير والإعانة على الحق، فإذا التقى مع إخوانه من سائر أقطار الدنيا وتذاكروا فيما يجب عليهم وما شرع الله لهم كان ذلك من أعظم الأسباب في توحيد كلمتهم واستقامتهم على دين الله وتعارفهم وتعاونهم على البر والتقوى. فالحج فيه منافع


(١) صحيح البخاري الحج (١٥٢١) ، صحيح مسلم الحج (١٣٥٠) ، سنن النسائي مناسك الحج (٢٦٢٧) ، سنن ابن ماجه المناسك (٢٨٨٩) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٤٨) ، سنن الدارمي المناسك (١٧٩٦) .
(٢) سورة البقرة الآية ١٩٧
(٣) سورة النحل الآية ١٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>