للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخبر عليه الصلاة والسلام أن الذين يتخذون المساجد على القبور هم شرار الخلق.

وهكذا من يتخذ عليها الصور؛ لأنها دعاية إلى الشرك ووسيلة له؛ لأن العامة إذا رأوا هذا عظموا المدفونين واستغاثوا بهم ودعوهم من دون الله وطلبوهم المدد والعون، وهذا هو الشرك الأكبر وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه المخرج في صحيح مسلم رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا؛ ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (١) » هكذا رواه مسلم في الصحيح.

فدل ذلك على فضل الصديق رضي الله عنه وأنه أفضل الصحابة وخيرهم وأنه لو اتخذ النبي خليلا لاتخذه خليلا رضي الله عنه، ولكن الله جل وعلا منعه من ذلك حتى تتمخض محبته لربه سبحانه وتعالى، وفي الحديث دلالة على تحريم البناء على القبور واتخاذ مساجد عليها وعلى ذم من فعل ذلك من ثلاث جهات: إحداها: ذمه من فعل ذلك، والثانية: قوله: «فلا تتخذوا القبور مساجد (٢) » ، والثالثة: قوله: «فإني أنهاكم عن ذلك (٣) » . فحذر من البناء على القبور بهذه الجهات الثلاث فوجب على أمته أن يحذروا ما حذرهم منه وأن يبتعدوا عما ذم الله به من قبلهم من اليهود والنصارى ومن تشبه بهم من اتخاذ المساجد على القبور والبناء عليها، وهذه الأحاديث التي ذكرنا صريحة في ذلك.

والحكمة في ذلك كما قال أهل العلم: الذريعة الموصلة إلى الشرك الأكبر. فعبادة أهل القبور بدعائهم والاستغاثة والنذور والذبائح لهم وطلب المدد والعون منهم كما هو واقع الآن في بلدان كثيرة في السودان ومصر وفي الشام وفي العراق وفي بلدان أخرى - كل ذلك من الشرك الأكبر، يأتي الرجل العامي الجاهل فيقف على صاحب القبر المعروف عندهم فيطلبه المدد والعون كما يقع عند قبر البدوي والحسين وزينب


(١) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٣٢) .
(٢) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٣٢) .
(٣) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٥٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>